يدعوني
للأسى حين أعود لذاكرتي .. و اجدها مترعة بكل تلك الجثث لأحياء .. ماتوا و لم يعد لهم في قلبي مكان منذ تلك اللحظة التي
سقطوا فيها من عيني .
بينما في
الضفة الأخرى هنالك الأموات الذين لازال قلبي ينبض بحبهم .. و لازالوا أحياء
بالنسبة لي .
فحياة
الشخص أو موته .. من وجهة نظري لا تعتمد على بقاءه حياً على أرض الواقع .. فما
أكثر الأموات الذين مازالوا أحياء بينما ! و ما أكثر الأحياء الذين يموتون و هم
معنا !
يدهشني
دائماً أني الوحيدة التي تنهشها الذكريات ... بينما الجميع ينسى ..!
لو كنت
سأكتب قبل عدة أشهر كنت سأكتب بأني أريد و بشدة تمزيق تلك الصفحات التي تحتويهم
لأتخلص من أي أثر قد يعيد خلقهم من جديد ... عوضاً عن قلب صفحات الماضي و بداية
صفحات جديدة .. فما دامت تلك الصفحات موجودة لا بد لي أن أتعثر بها يوماً بعكس
نزعها و اقتلاعها الذي يعد حلاً أمثل ، لوددت
الهروب من أي فرصة قد تجمعني بهم .. ولو كانت في الذاكرة !.
لكن
اليوم أعترف بأن قناعاتي تغيرت تماماً .. أيقنت بانه ما دمنا لا نستطيع اقتلاع
ذاكرتنا و استبدالها بواحدة جديدة يجب أن لانجعل ممن مروا عليها سوا " عابرون
" .. و إن حدث و تعثرنا بهم .. فيجب أن نجعل من تلك العثرة سبباً لتذكيرنا
بألحذر في المرات المقبله وعدم توقع
الكثير من غيرنا .. فتوقعاتنا هي التي تجرحنا لا الآخرون !
اليوم
سأكتب باني اقتنعت ان كل شيء يحدث لسبب و حكمة . و أن مرور كل انسان في حياتنا ليس
عبثاً إنما لسبب أيضاً . و أن فراقنا عنهم سواء بالموت أو بالحياة أيضاً لسبب . قد
نجهل الأسباب في كثير من الأحيان ، وقد تؤلمنا النهايات في أغلب الأحيان ، لكن يجب
أن نؤمن بالقدر . جاعلين من تلك الهزائم انتصارات لأنفسنا ، لأن كل تجربة تترك
أثراً فينا و قد تقلب قناعاتنا السابقة ، و تجعلنا أوعى من ذي قبل و أكثر حذراً .
في هذا
اليوم و الذي يقترب من نهاية العام الاول.. منذ فارقت " نور " صديقتي العزيزة الحياة
.. أعترف باني اليوم فقط لن أحزن لموتها ، فلكل شيء حكمة. و لربما ذلك كان أفضل
لها .
و لكن لا
انكر باني أشتاق إليها كثيراً .. وكم اتمنى لو أن كلماتي تصلها لتخبرها ان هنالك
قلباً مازال يحمل لها كل الود ..و التقدير و الاحترام .. مازال هنالك قلباً وفياً
عامراً بالحب .
كم اود
أن أشكرها على كل ما كانت عليه . لكونها هي فقط ..دون أقنعة أو نفاق. أود ان
أشكرها على ست سنوات قضتها معي دون أي جدال .. أو سوء فهم أو حتى أذى . لربما يقول
البعض أني ابالغ و لكن لم يحدث يوماً أن اختلفنا .. و لم يحدث يوما أن ابتعدنا .
اود ان أشكرها عن كل لحظة .. كانت هناك فيها . منذ جمعتنا مقاعد الطفولة حتى آخر
أيام حياتها كانت رمزاً للصديقة الأكثر من رائعة . فقط وجودها بجانبي كان يجعل
لأيامي لوناً بديعاً .
أود ان
أشكرها على نبض الوفاء الذي يبقيها على قيد الحياة.